الحياء
انه كان في جبل لبنان رجل من العباد منزوياً عن الناس في غار في ذلك الجبل وكان يصوم النهار ويأتيه في كل ليلة رغيف يفطر على نصفه ويتسحر بالنصف الاخر,وكان على ذلك الحال مدة طويلة لاينزل من ذلك الجبل اصلا,فاتفق ان انقطع عنه الرغيف ليلة من
الليالي ,فاشتدجوعه وقل هجوعه فصلى العشائين وبات في تلك الليلة في انتظار شئ يدفع به الجوع فلم يتيسر له شيء, وكان في اسفل ذلك الجبل قرية سكانها نصارى فعندما اصبح العابد نزل اليهم واستطعم شيخا منهم فاعطاه رغيفين من خبز
الشعير,فاخذها وتوجه الى الجبل وكان في دار ذلك الشيخ كلب جرب مهزول,فلحق العابد ونبح عليه وتعلق باذياله فألقى عليه العابد رغيفاً من ذينك الرغيفين ليشتغل به عنه,فاكل الكلب ذلك الرغيف ولحق العابد مرة اخرى وأخذ في النباح والهرير فالقى اليه العابد الرغيف الاخر فاكله ولحقه تارةً ثالثة واشتد هريره وتشبث بذيل العابد ومزقه فقال العابد
سبحان الله! اني لم اركلباً اقل حياءً منك ان صاحبك لم يعطيني الا رغيفين وقد اخذتهما مني ماذا تطلب بهريرك وتمزق ثيابي..؟
فانطق الله تعالى الكلب فقال: لست انا قليل الحياء أعلم اني ربيت في دار ذلك
النصراني احرس غنمه واحفظ داره واقنع بما يدفع الي من خبز او عظام وربما نسيني فأبقي اياماً لا آكل شيئاً بل ربما تمضي ايام لايجد هو لنفسه شيئاً ولا لي. ومع ذلك لم افارق داره منذ عرفت نفسي ولا توجهت الى باب غيره,بل كان دأبي انه ان حصل شيء شكرت والاصبرت.
واما انت فبانقطاع الرغيف عنك ليلة واحدة لم يكن عندك صبر ولاكان لك تحمل حتى توجهت من باب رزاق العباد الى باب نصراني وطويت كشحك عن الحبيب وصالحت عدوه المريب فقل اينا اقل حياءً أنا ام انت؟
فلما سمع العابد ذلك ضرب بيديه على راسه وخر مغشياً عليه..